افضل تطبيق للراغبين في تعلم اللغة الالمانية ولمن يريد أن يؤسس نفسه

قبل أشهر قليلة، كنت أبحث عن وسيلة عملية لتقوية لغتي الألمانية. لا أتكلم عن التطبيقات المشهورة أو تلك التي تملأ الإعلانات، بل كنت أريد شيئًا يمكنني تحميله والبدء باستخدامه فورًا، دون إنشاء حساب أو انتظار تحديثات.هذا ما جعلني أجرب تطبيق تعلم اللغة الألمانية. الاسم لا يوحي بالكثير، لكنه في الحقيقة يحتوي على مفاجآت.
التطبيق متاح على المتجر، ويمتاز بتصميمه المباشر لا واجهة مبالغ فيها، ولا مؤثرات بصرية غير ضرورية. الأهم، أن محتواه معد بطريقة تمكن المتعلم العربي من الوصول إلى مفردات وتراكيب اللغة الألمانية بشكل مبسّط،مع ترجمة فورية باللغة العربية، وصوتيات ناطقة للنطق الصحيح.
الجميل أن التطبيق لا يعتمد على وحدة دراسية طويلة ومملة، بل يقسم الدروس إلى موضوعات حياتية يومية، التحيات، الأماكن، السفر، الطعام،العائلة، إلى آخره. هذه الطريقة تساعدك في ربط اللغة بالمواقف الواقعية، وهي نقطة مهمة لمتعلمي اللغات الجدد. وقد لاحظت منذ أول استخدام ان التطبيق يحتوي على محتوى موجه بوضوح لمستوى المبتدئين، حتى في الصوتيات، حيث يتم التحدث ببطء نسبيًا.
ورغم أن اسم التطبيق بسيط، إلا أن المحتوى يغطي قدرا واسعا من العبارات الأساسية، ويُركّز على النطق والمقارنة بين الجملة الألمانية وترجمتها، وهذا يعطي شعورا بالتدرّج المريح، دون قفز بين مستويات متباعدة.
ما أعجبني في تطبيق تعلم اللغة الألمانية
أول ما لاحظته هو أن التطبيق يستهدف المستخدم العربي تحديدا، وهذا ليس أمرًا شائعًا في تطبيقات اللغات الأخرى. الشرح مكتوب بالعربية، الواجهة تدعم اللغة العربية، وكل عبارة ألمانية تقابلها ترجمة واضحة بالعربية،بل وأحيانا مع نطق صوتي من متحدث ألماني. هذا وحده يكفي لجعل التطبيق أكثر سهولة للمبتدئ من غيره.
ميزة أخرى وجدتها عملية جدا هي تنظيم المحتوى في شكل وحدات مواضيعية ليس مجرد سرد لكلمات متفرقة، بل مجموعات مترابطة، أسماء الأطعمة، أدوات المنزل، أفعال أساسية. هذا يساهم في بناء “حقول معرفية ” متصلة داخل ذهن المتعلم، بدلاً من التشتت بين مفردات من هنا وهناك.
من النقاط التي أعجبتني أيضا، أن التطبيق يسمح بتكرار الجملة الصوتية عدة مرات دون الحاجة إلى العودة إلى بداية الدرس، ما يجعل عملية الحفظ أسهل. وهذا قد يبدو تفصيلًا بسيطًا، ولكنه مؤثر جدًا على تجربة التعلم، خصوصا إذا كنت من النوع الذي يعيد الاستماع أكثر من مرة.
كما أن المحتوى نفسه من حيث العبارات المختارة يركز على الجانب العملي. هناك عبارات تحتاجها فعلا إذا كنت تنوي السفر أو الإقامة في بلد يتحدث الألمانية، مثل “أين محطة القطار؟ ” أو “أنا لا أتكلم الألمانية جيدًا”. وجود هذه العبارات في بداية المشوار التعليمي يعطي دافعًا قويًا، لأنه يجعلك تشعر بأنك قادر على التواصل ولو بشكل بسيط بعد عدة دروس فقط.
ما لم يعجبني
رغم أن تطبيق تعلم اللغة الألمانية يوفر قاعدة تأسيسية جيدة، إلا أن هنالك جوانب لم تكن مرضية تماما أثناء الاستخدام. أول ملاحظة هي غياب نظام تعليمي متدرج منظم لا يوجد اختبار تحديد مستوى، ولا مؤشر واضح للتقدم، مما يجعل المستخدم أحيانا يتساءل، هل أنا فعلا أحرز تقدمًا؟ هل أتقدم عشوائيًا بين الدروس؟
النقطة الثانية تتعلق بالتفاعل. التطبيق يعتمد بالكامل على المشاهدة والاستماع، لكنه لا يطلب منك الإجابة أو الكتابة أو حتى الضغط لاختيار إجابة صحيحة. هو يشبه كتيب إلكتروني مع صوتيات، وليس منصة تعليمية تفاعلية. وهذا أمر قد يقلل من فاعلية التعلم على المدى الطويل،لأنه لا يُشرك المتعلم بشكل نشط.
لاحظت أيضًا أن بعض الجمل تستخدم بدون سياق واضح، أي أنك تقرأ العبارة الألمانية وترجمتها، دون أن تفهم متى تُستخدم، أو ما الموقف الذي قيلت فيه. وهذا عكس الاتجاه الحديث في تعلم اللغات، حيث يُنصح دائمًا بربط الكلمات بسيناريوهات واقعية لتعزيز التذكر.
وأخيرا، رغم وجود نطق صوتي، إلا أن جودة الصوت متفاوتة. بعضها مسجل باحتراف، وبعضها الآخر يبدو كأن المتحدث ليس ناطقًا أصليًا، أو أن التسجيل تم بجودة منخفضة. هذا قد يُربك المتعلم الذي يعتمد على الصوت لتقليد النطق.
هل يناسبك هذا التطبيق؟ ولماذا؟
إذا كنت شخصًا يريد فقط أن يتعلم عبارات أساسية باللغة الألمانية دون تعمّق في القواعد، فهذا التطبيق سيكون مناسبًا لك تمامًا. لا يحتاج منك خلفية سابقة، ولا مهارات لغوية معقدة، فقط تنقر وتستمع وتكرر. وهو ما يعني أنك حتى لو لم تكن تعرف كلمة واحدة بالألمانية، يمكنك البدء فورا.
لكن، إذا كنت قد تجاوزت مرحلة البداية أو كنت تبحث عن تطبيق يتيح لك التفاعل، يحفّزك، يتحداك، أو يساعدك على ممارسة اللغة فعليًا فهنا قد تجد التطبيق محدودًا. هو لا يحتوي على اختبارات، ولا تمرينات تفاعلية، ولا مهام إنتاجية مثل الكتابة أو المحادثة.
الاشخاص المناسبين لهذا التطبيق في نظري هو من لديه هدف عملي مباشر، مسافر إلى ألمانيا، مقيم جديد، أو شخص يريد مراجعة الأساسيات في وقت فراغه. أما من يسعى للحصول على مستوى A2 أو B1 في اللغة الألمانية، فسيحتاج إلى مصادر تكميلية إلى جانب هذا التطبيق.
ملاحظات على المحتوى واللغة
بعض النقاط اللغوية لفتت انتباهي أثناء استخدام تطبيق تعلم اللغة الألمانية، وربما لن يلاحظها من يتعلم لأول مرة، لكنها تستحق الذكر. مثلا، هنالك جمل باللغة الألمانية تترجم أحيانًا حرفيًا، دون الانتباه إلى اختلاف التعبير بين اللغتين. مثل عبارة:
Ich bin heiß.
وترجمتها: أنا ساخن.
بينما الاستخدام الصحيح في الألمانية للإشارة إلى الشعور بالحر هو: «Mir ist heiß»، لأن الأولى تعني شيئًا مختلفًا تمامًا (وتُستخدم بمعنى حميمي في مواقف لا تُناسب الدرس! ). هذه التفاصيل، رغم بساطتها، تؤثر على ثقة المتعلم إن تعلمها بشكل خاطئ.
أيضا، في بعض المواضع، تكون الترجمة العربية أقرب إلى “شرح ” وليس ترجمة حرفية، وهذا أمر جيد أحيانًا، لكنه يربك أحيانًا أخرى، خاصة عندما يحاول المتعلم مطابقة الكلمة الألمانية بنظيرتها العربية بدقة. غياب التوضيح أو الملاحظات الجانبية يجعل من الصعب معرفة أي العبارتين أدق.
ورغم أن عدد الدروس جيد، إلا أن التدرج فيها لا يخضع لتسلسل لغوي مدروس (كأن تبدأ بالأفعال النظامية، ثم تنتقل إلى التصريف، ثم الصفات… إلخ )، بل يبدو كأن ترتيب المواضيع عشوائي إلى حد ما، مما يصعب إنشاء صورة شاملة عن اللغة في ذهن المتعلم.
هل التطبيق كافٍ لتعلم الألمانية من البداية حتى مستوى جيد؟
الصراحة؟ لا، ليس كافيًا لوحده. لكنه ليس عديم الفائدة أيضا. التطبيق يؤدي دورًا مهمًا في المرحلة الأولى، خاصة للمتعلمين الذين لا يملكون وقتًا طويلًا، أو لا يحبون الجداول والدورات الطويلة. هو يقدم محتوى جاهز وسهل الوصول، وكل ما عليك هو أن تضغط وتستمع.
لكن، بعد فترة قصيرة، ستحتاج إلى ما هو أبعد من مجرد جمل محفوظة. ستحتاج إلى قواعد، مهارات الكتابة، تمارين على النطق، وربما شريك للمحادثة. وهذه الأمور ليست متاحة في التطبيق. هو نقطة انطلاق بداية، لا نهاية.
خلاصة تجربتي
أستطيع القول إن تطبيق تعلم اللغة الألمانية يصلح كبداية سريعة لمن لا يريد التورط في تطبيقات ضخمة أو اشتراكات مدفوعة. هو بسيط، مباشر، لا يرهقك بكثرة التفاصيل، ويضع بين يديك مجموعة جيدة من الجمل والمفردات مع نطقها وترجمتها.
لكنه في النهاية يقدم جانبًا واحدًا من عملية تعلم اللغة، وهو الحفظ والاستماع. لا يتضمن مكونات التفاعل أو التقييم، ولا يساعدك على معرفة مستواك أو تتبع تقدمك. لذلك إذا كنت جادا في تعلم اللغة الألمانية، ففكر في هذا التطبيق كخطوة أولى فقط، ثم ابحث عن موارد مكمّلة بحسب أهدافك.
هو ليس الأفضل، لكنه مفيد، بشرط أن تعرف حدوده، وتستخدمه في المكان المناسب من رحلتك.