افضل تطبيق للراغبين في تعلم اللغة الفرنسية ولمن يريد أن يؤسس نفسه في اللغة

أحيانا تشعر أنك تبدأ من جديد كل أسبوع. تحفظ كلمات جديدة، تفهم قاعدة واحدة، ثم تفاجأ بأنك نسيت ما قبلها. هذا ما حدث معي في تعلم الفرنسية.كنت أبحث عن شيء يضعني على طريق واضح، بلا وعود كبيرة، بلا ضغط، فقط بداية حقيقية. بداية تمكّنني من تأسيس نفسي لغويًا دون الحاجة لمعلم مباشر أو منهج جامعي. لكن المشكلة أن معظم التطبيقات إما متقدمة جدا أو مبعثرة وغير متسلسلة.

تطبيق تعلم اللغة الفرنسية بدا في البداية عاديًا، لا يوحي بالكثير. ولكن شيئًا فشيئًا، بدأت ألاحظ أنه يقدّم شيئًا مختلفا. لا لأن واجهته فريدة، بل لأن طريقته في التقديم رغم بساطتها تخدم هدفا واحدا، تأسيس حقيقي في اللغة. تعلم المفردات. تصريف الأفعال. تدريبات صوتية. نطق. تنظيم واضح.

هل هو الأفضل؟ لا أستطيع قول ذلك الآن. ولكن ما أعرفه أنني كنت بحاجة لتطبيق مثل هذا، يعلمني من نقطة الصفر، ويفرض علي الاستمرارية بدون أن يرهقني. هذه المراجعة ليست إعلانا. بل هي انعكاس لما شعرت به بعد استخدام متكرر لتطبيق تعلّم اللغة الفرنسية،  في محاولة لفهم مدى واقعيته، وما يمكن البناء عليه فعليًا.

ما هو تطبيق تعلّم اللغة الفرنسية

تطبيق تعليمي موجه للراغبين في تعلم اللغة الفرنسية من البداية، أو لمن يريد ترسيخ القواعد والمفردات الأساسية بطريقة منهجية. يعتمد التطبيق على تقسيم المحتوى إلى فئات واضحة، كلمات، جمل، أفعال، محادثات، مع دعم صوتي لكل وحدة. ولا يقدم لك نصوصًا معقدة منذ البداية، لا يخلط بين المستويات. بل يُشعرك أنك في دورة تدريبية مصغرة،لكن دون الحاجة لتسجيل أو دفع أو اختبار مستوى معقّد.

في الواجهة سترى أن كل شيء مقسّم حسب مواضيع شائعة، الطعام، التحية، الصفات، الأسرة، الألوان، الأماكن… وغيرها. لكن خلف هذه البساطة الظاهرة، هناك ترتيب فعلي مدروس. تبدأ من الأساسيات، تكرر المعلومات عبر تمارين متنوّعة، ثم تُستَعرض بصيغة استماع أو اختبار. وهذا التكرار، رغم أنه قد يبدو مزعجًا في البداية، هو ما يجعل المفردات تترسخ فعليًا.

من الناحية التقنية، لا تحتاج إلى اتصال إنترنت دائم. يمكن حفظ الدروس والاستماع إليها لاحقا. وهذا ما أتاح لي استخدام التطبيق في الطريق أو أثناء الانتظار دون أن أضطر  للتفرغ التام أو توفير شبكة. هي ميزة صغيرة، لكنها مهمة.

وما يلفت الانتباه أن التطبيق لا يعتمد فقط على القراءة أو الاستماع، بل يحاول إدخالك تدريجيا في تجربة اللغة، ترديد، تقليد، تكرار، تصحيح. كل شيء يبدو بسيطًا جدًا، ولكنه لسبب ما فعّال أكثر مما توقعت.

ما أعجبني في تطبيق تعلّم اللغة الفرنسية

أول ما لاحظته هو سهولة البدء. لا يوجد تسجيل معقد، لا يوجد اختبار طويل في البداية، فقط تبدأ مباشرة. وهذا قد يبدو شيئًا بسيطًا، لكنني جربت تطبيقات أخرى كثيرة توقّفت عند مرحلة الإعداد لأنها طوّلت في التهيئة أكثر من اللازم.

ثانيا، التكرار في المحتوى ليس اعتباطيًا. حين تتعلم 10 مفردات جديدة، ستجدها تتكرر في تدريبات الجمل، ثم تظهر لاحقًا في تمارين المحادثة، ثم تعود في مراجعة الاستماع. هذا الترابط هو ما جعلني  أخيرًا  أتذكر كلمات كنت أنساها دائمًا، مثل “chaud” و”froid “، بل بدأت أميز طريقة نطقها ضمن الجمل.

النقطة الثالثة التي أُقدّرها هي وجود النطق الصوتي بجانب كل كلمة وكل عبارة. لا يطلب منك أن تفهم النطق وحدك. بل تسمع، ثم تردد، ثم تقارن. وهذا جعلني أبدأ بمحاكاة الجمل الفرنسية بصوت،وهو شيء لم أفعله أبدًا في السابق. بل حتى أصبحت أتدرب وأنا أتمشى في البيت. ربما لأن الصوت واضح، أو لأن الإيقاع سهل التكرار، أو ببساطة لأن التطبيق لا يفرض عليك قواعد معقدة قبل أن تبدأ.

كذلك، أعجبني أن التطبيق لا يركز فقط على المفردات. بل يضم أفعالًا، وجملاً حوارية، وبعض الأمثلة على الاستخدامات اليومية. وهذا ما يعطيك إحساسًا تدريجيًا بأنك تتقدم في “مواقف حقيقية “، لا في حفظ معزول.

وبين كل وحدة وأخرى، هناك ما يشبه الاختبار الصغير أو إعادة التذكير. ليس اختبارًا رسميًا، لكنه يكشف لك إن كنت فقط تنقر دون تفكير، أم أنك فعلاً بدأت تستوعب النمط.

ما لم يعجبني

رغم كل هذه الإيجابيات، هناك نقاط شعرت بأنها ناقصة. أولا، التطبيق لا يفرّق بشكل واضح بين المستويات. فمستخدم في A1 قد يجد بعض الجمل معقّدة قليلًا، دون أن يحصل على شرح كافٍ. مثلًا، في أحد التمارين ظهرت عبارة ” Je voudrais un café”, وكان المتوقع من المستخدم اختيار الترجمة. لكن هذه الصيغة ( vouloir بصيغة الاحترام) لم تُشرح مسبقًا. قد تبدو بسيطة لمن يعرف، لكنها قد تُربك المبتدئ تمامًا.

ثانيا، بعض الأقسام تبدو متشابهة جدا. فالوحدات المتعلقة بالألوان، الصفات، والمأكولات، تكرّرت في أكثر من شكل دون إضافات حقيقية. ربما الهدف هو التكرار، لكن أحيانا شعرت بأنني “أعيد نفس الدرس ” فقط لأن الصياغة تغيرت قليلًا.

ثالثا، لا يوجد نظام واضح لتتبع التقدم. نعم، التطبيق يذكّرك بعدد الكلمات التي تعلمتها، لكنه لا يمنحك تصورًا واضحًا عن مستواك الحالي، أو ما تبقى للوصول إلى مستوى أعلى. وهذا مهم للمستخدمين الجادين. لأن غياب هذا النوع من التتبع يجعل التجربة أكثر ارتجالية، وكأنك تتعلم دون هدف مرئي.

وأخيرا، لا توجد وسيلة لتقييم النطق الخاص بك. أنت تستمع وتردد، لكن لا توجد خاصية للتسجيل أو المقارنة أو التصحيح. وهذا مؤسف، لأن التطبيق يعتمد كثيرًا على الصوت، وكان سيكون من المفيد لو أتاح أداة للتفاعل الفعلي مع النطق.

هل يمكن استخدامه وحده لتعلم اللغة الفرنسية؟

الحقيقة؟ يعتمد ذلك على ما تريده. إذا كان هدفك هو بناء قاعدة أساسية في اللغة الفرنسية، من المفردات البسيطة إلى الجمل اليومية، فـ تطبيق تعلم اللغة الفرنسية يمكن أن يكون نقطة بداية قوية. لا تحتاج إلى كتاب خارجي، ولا إلى مرشد خاص في البداية. لكن… وإذا عدنا إلى التجربة الواقعية، فإن التطبيق لن يكفي وحده إذا كنت تطمح إلى اجتياز امتحان رسمي أو الوصول إلى مستوى متقدم في المحادثة.

التطبيق لا يحتوي على شرح نحوي متعمق. ولا يوفر تمارين كتابة حرة أو تحليل نصوص. أيضا، لا يدربك على التفاعل الطبيعي كما في المحادثات المباشرة. إذًا، هو يصلح للتأسيس، وللتمرين على اللغة المكتوبة والمسموعة بشكل مبدئي. أما التقدم نحو مستوى B2 أو C1، فسيحتاج إلى مصادر أخرى. كتب. مقاطع صوتية من الحياة الواقعية. وربما تفاعل بشري حقيقي.

لكن دعني أوضح نقطة هنا، الاعتماد على مصدر واحد في تعلم اللغة لم يعد ممكنًا في هذا الزمن، حتى وإن كان المصدر جيدا. فكيف لو كان محدودًا  في نطاقه؟ لذلك، يمكن اعتبار التطبيق أداة من أدوات التعلم، وليس الخطة الكاملة.

مستوى الصعوبة الحقيقي للتطبيق

هناك شيء لفتني أثناء استخدامي للتطبيق، وهو تذبذب مستوى الصعوبة. في البداية، كل شيء واضح وسهل، ربما سهل أكثر من اللازم. بعد ذلك، تقفز بعض الجمل إلى مستوى متقدم دون تمهيد. هل هذا مقصود؟ لا أعرف. لكني شعرت به. مثلًا، هناك وحدة تظهر فيها جمل تحتوي على صيغة الشرط، دون أن تكون هناك وحدة سابقة تشرح تركيب si + imparfait + conditionnel.

هذا النوع من القفز قد يربك المتعلمين. وأنا شخصيًا تجاوزته لأنني قرأت عن هذه الصيغة سابقًا، لكنني تخيلت لو أني مبتدئ تماما، ربما كنت سأغلق التطبيق في تلك اللحظة وأعود إلى شيء أبسط.

وهنا تأتي المشكلة، عدم التوازن في تصاعد الصعوبة. ما زلت أرى أن هناك حاجة إلى تخطيط أكثر انضباطًا في ترتيب المحتوى. لأنه من المؤسف أن يبدأ المتعلم  بحماس ثم يُفاجأ بقفزات غير مبررة.

هل هو تطبيق للمبتدئين فقط؟

الغالب نعم، لكنه ليس حكرا عليهم. بمعنى أنه صُمم ليتلاءم مع من هم في مستويات A1 وA2، لكنه يمكن أن يخدم أيضًا من هم في مستوى B1، بشرط أن يكون الهدف مراجعة الأساسيات وليس تعلّم الجديد.

من جربوا الفرنسية سابقا، ثم تركوها لفترة، سيستفيدون من التطبيق كمراجعة ذكية. لأنه لا يُثقلك بالقواعد، بل يجعلك تستعيد الجمل والنطق والاستخدام اليومي تدريجيا. وهذا مفيد جدًا إذا كنت قد درست الفرنسية منذ سنوات وتريد العودة إليها دون البدء من الصفر تمامًا.

أما من هم في مراحل متقدمة، أو يبحثون عن تحد لغوي أعمق، فقد يشعرون بالملل بعد فترة. لأن المحتوى سيصبح مألوفًا، وربما مكررا جدا. في هذه الحالة، سيكون التطبيق مفيدا فقط كمكمل جانبي وليس كأداة رئيسية.

هل أنصح باستخدامه؟

إذا كنت تبحث عن تطبيق واضح، مباشر، لا يشتت، ويمنحك بداية منطقية لتعلم اللغة الفرنسية، فإن تطبيق تعلم اللغة الفرنسية يُقدّم هذا بامتياز. لا يُغريك بميزات مبهرجة، ولا يُغرقك في تعقيدات، لكنه يُرسي الأساس بشكل فعلي.

لكن يجب أن تعرف ما الذي تريده. لأن هذا التطبيق لن يُخرجك متحدثًا بطلاقة، ولن يحضّرك لاجتياز اختبار رسمي من دون أدوات إضافية. ومع ذلك، هو من التطبيقات القليلة التي تشعرك بتقدم حقيقي كل يوم، ولو كان صغيرًا. وهذا شيء نادر.

سأستمر في استخدامه، ولكن ضمن جدول أكبر يشمل الاستماع، الكتابة، التحدث، وربما محادثات مع متحدثين أصليين لاحقًا. لكنه سيبقى التطبيق الذي أفتح عيني عليه كل صباح لأبدأ درسًا قصيرًا، وأتأكد أنني لم أنسَ كل ما تعلّمته بالأمس.

 

 

 

download

Karim Mohsen

مدرس متخصص في اللغة الفرنسية، بالإضافة إلى مراجعة تطبيقات تعلم اللغة الفرنسية