اختبر مستواك في اللغة الإنجليزية

لم أكن يومًا من أنصار اختبارات تحديد المستوى الرقمية. لا لأنها عديمة الفائدة، بل لأني غالبًا ما شعرت أنها تقيس الذاكرة لا اللغة.ومع ذلك، في لحظة فضول عابرة أردت أن أضع نفسي في مواجهة غير متوقعة، ماذا لو جرّبت تطبيقًا يعِدني بأن يعرف مستواي الحقيقي في الإنجليزية من خلال سلسلة من الأسئلة فقط؟ ليس لأني أبحث عن تأكيد، بل لأني أردت أن أرى إن كان هذا النوع من التطبيقات يفهم شيئا من طبيعة المتعلم الذي يقرأ ويستمع يوميًا، ولا يحفظ ولا يراجع مثلما تطلبه الكتب.
فتحت التطبيق، وبدأت من المستوى الأول، لا لأني أحتاجه، بل لأفهم كيف يبني تقييمه، وكيف يصنف من يقف أمامه. هل سيرى أني متقدم؟هل سيختبرني بما أعرفه فعلًا؟ أم سيتجاهل كل ما أؤمن به في تعلم اللغات؟
تطبيق اختبر مستواك في اللغة الإنجليزية؟
التطبيق لا يراوغ كثيرًا، وهذا من نقاط قوته. بمجرد أن تدخل، يقدم لك لائحة من الاختبارات المصنّفة حسب الصعوبة، من المبتدئ حتى المتقدم. كل اختبار يحتوي على عدد من الأسئلة المتنوعة،بعضها يركّز على القواعد، وبعضها على المفردات، وبعضها الآخر على التصريفات أو التراكيب. بعد انتهاء كل اختبار، تظهر نتيجة رقمية وتصنيف لمستواك، مرفقة بتوضيح لكل إجابة خاطئة.
هكذا يبدو الشكل العام للتجربة، اختبار، نتائج، تكرار. لكن هل هذا كافٍ لتقول إنك «اختبرت مستواك » فعلًا؟ سأجيب عن ذلك لاحقًا، لكن أولًا، دعني أصف كيف تعاملت مع محتواه.
ما الذي أعجبني في تطبيق اختبر مستواك في اللغة الإنجليزية؟
وضوح بنية الاختبارات وتدرجها
أعجبتني بساطة تقسيم المستويات. شعرت فعلًا أن هناك فارقًا بين اختبار المبتدئ والمستوى المتوسط. لم أواجه أسئلة متقدمة في بداية الطريق، ولم أجد نفسي أكرر المفردات نفسها من اختبار لآخر. البنية المتدرجة تُشعرك بأن هناك من خطط بذكاء، حتى لو لم يُضف شيئًا ثوريًا. لا خلط في الصعوبة، ولا قفزات تربك المتعلم.
الكم الكبير من الأسئلة (أكثر من 3000)
لا أستطيع أن أقول إني راجعت كل الأسئلة، لكن بعد مرور أسبوع من الاستخدام المتقطّع، لم ألاحظ تكرارا. هذا لوحده يكفي ليجعلني اعود إليه كلما شعرت أني أحتاج تمرينًا سريعًا دون أن أعيد ما أعرفه سلفًا. الوفرة هنا ليست مجرد رقم. هي فعلًا تغطي مساحات واسعة من القواعد، التصريفات، الجمل القصيرة، وحتى بعض التراكيب الأقل شيوعًا.
وجود شرح لكل إجابة
هنا بدأت أشعر أن التطبيق لا يكتفي بتقييمك، بل يريد أن يعلمك شيئا في أثناء الطريق. ليس كل الشروحات دقيقة، بعضها بدا لي كأنه منسوخ من كتب قواعد قديمة، لكن بعض الإجابات فاجأتني بتفسير ذكي لم تكن لتخطر ببالي. هذه الميزة رفعت قيمة كل خطأ ارتكبته.
تخزين الإجابات الخاطئة تلقائيًا
هذه واحدة من التفاصيل الصغيرة التي أحبها في أي تطبيق. بدلًا من أن أدوّن كل خطأ، اكتفى التطبيق بتجميعها لي في سجل واحد. لم يكن عليّ أن أبحث عن نقاط ضعفي، هي ظهرت أمامي بوضوح. حين عدت بعد يومين لمراجعة الأسئلة التي أخطأت فيها، شعرت ان التطبيق أعاد تصميمه حولي، لا حول قواعده الجامدة.
الإحصائيات التفصيلية
ما توقعت أن يهتم التطبيق بالتحليل، لكنه فعل. عرض لي نسب النجاح وتطور مستواي خلال الأيام الماضية، ونوعية الأخطاء التي أكررها. لم يكن تحليلًا عميقًا، لكنه كافٍ ليشعرني أن هناك رصدًا، لا مجرد تسجيل عشوائي.
ما الذي لم يعجبني؟
الأسلوب الجاف لبعض الشروحات
رغم أهمية تقديم شرح لكل إجابة، شعرت أحيانا أن النص مكتوب بلغة مدرسية قديمة. لم يستخدم أمثلة حيّة، ولم يربط القاعدة بأي استخدام يومي. بدت الشروحات وكأنها تخرج من كتاب قواعد صامت ، دون أن تشرح لماذا تُستخدم هذه الصيغة أو تلك في الحياة اليومية. توقعت أن يعالج الخطأ بطريقة تفتح بابًا للفهم، لا أن يُعيد ما حفظته سابقًا.
غياب التفاعل الصوتي أو أي دعم سمعي
هذا أحد النقاط التي أزعجتني كثيرًا. كل الأسئلة تعتمد على النص فقط. لا صوت، لا نطق، لا حتى خيار للاستماع. تعلم اللغة الإنجليزية لا يمكن أن يحدث في غرفة مغلقة على الورق. الأذن تسبق اللسان، وعند غياب الصوت، يغيب نصف اللغة. توقعت أن يقدم لي التطبيق خيار سماع الجملة، او حتى كلمة واحدة بصوت ناطق، لكنه تجاهل هذا البُعد بالكامل.
التركيز المفرط على القواعد دون سياقات
كل شيء يدور حول قواعد، تصريفات، أدوات ربط. لم أجد أي جملة في سياق واقعي. لم يسألني عن معنى كلمة داخل محادثة ولم يطلب مني إكمال جملة كما تُقال في الشارع. هذا النوع من العزل اللغوي يجعل اللغة تبدو كأنها معادلة، لا حياة فيها. أُقدّر من يتقن القواعد، لكن لا يمكن فصلها عن المعنى الحي. اللغة ليست قوانين فقط، بل مواقف.
غياب النطق وتعدد اللهجات
في كثير من التطبيقات، أبحث عن التنويع الصوتي. أريد أن أسمع الإنجليزية الأمريكية والبريطانية، وربما غيرها، لأدرّب أذني على التنقل بين اللهجات. لكن في هذا التطبيق، لم أجد أي بعد صوتي. شعرت وكأن اللغة صامتة. لا أحد يتكلم، ولا أحد يهمس حتى. بالنسبة لي هذا نقص لا يُغتفر، لأن الاستماع ليس مجرد مهارة،بل مدخل أساسي لفهم اللغة من جذورها.
تشابه بعض الأسئلة في البنية
رغم كثرة الأسئلة، لاحظت تكرارًا في الطريقة التي تُطرح بها. كثير منها يعتمد على اختيار الكلمة المناسبة داخل جملة ناقصة، بنفس الشكل تقريبًا. هذا التكرار البنائي يسمح لي أحيانا بالتخمين، دون فهم حقيقي. عندما تُعاد الصيغة، يبدأ العقل في التوقع بدل التفكير، وهذا يجعل التعلم سطحيًا حتى لو بدوتُ أنجز شيئًا.
هل شعرت أني تعلمت شيئًا حقيقيًا؟
في الحقيقة، التطبيق لم يعلمني قدر ما كشف لي. جعلني ألاحظ أني ما زلت أخلط بين بعض الأزمنة، وأني أُهمل أدوات الربط رغم بساطتها. لكنه لم يقدّم لي ما يساعدني على تجاوز هذه النقاط. اعطاني المرآة، لكنه لم يسلمني المشط. وعليه، أعتبره أداة تشخيص، لا علاج.
من يناسبه هذا النوع من التطبيقات؟
رأيت أن التطبيق يخاطب فئة محددة جدًا من المتعلمين. لا يخدم المبتدئين الكاملين، ولا يناسب المتقدمين جدًا. لكنه مثالي لمن وصل إلى منتصف الطريق، ويريد أن يتأكد أن كان ما بناه في رأسه يستقر أم يتبخر. هو أيضا مناسب لمن يحب الأرقام. النتائج هنا تعطى بلغة الأرقام لا المشاعر، وتلك ميزة أقدّرها، لأنها تجبرك أن تواجه الحقيقة، حتى لو كانت صادمة.
ثم هناك من يملّ من المحتوى الطويل أو من القصص أو المحادثات. هذا التطبيق يخاطبه بدقة. لا روايات، لا حوارات، لا صوت. فقط أسئلة وأجوبة. إما تعرف أو لا تعرف. لا مكان للتظاهر بالفهم.
التطبيق يقدم محتوى كميًا لا نوعيًا. صحيح أن عدد الأسئلة كبير، لكن لا شيء فيه ينبض بالحياة أو يُربط بسياق حقيقي. ليس هناك حوار ولا قصة ولا حتى جملة تحكي شيئا. كل شيء يدور داخل قالب جامد.
أما التحكم الشخصي، فقد وجدت فيه مساحة مقبولة. أستطيع أن أختار المستوى، أكرر الاختبار، أراجع أخطائي. لكن لا يمكنني تخصيص الأسئلة أو حذف ما لا يناسبني.
خلاصة تجربتي مع التطبيق
خرجت من هذا التطبيق بشعور مختلط. احترمت وضوحه، واستفدت من دقته في رصد أخطائي، لكني افتقدت روح اللغة. لم أشعر أني أنتمي إلى ما أتعلمه داخله. لا سياق، لا صوت ولا تفاعل. هو اختبار لا تعليم. ومع ذلك، سأبقيه ضمن أدواتي، أزوره بين الحين والآخر لأرى إن كنت ما زلت أقع في نفس الأخطاء، أو إن كان هناك ما تغيّر.
إذا كنت قد وصلت إلى مستوى متوسط وتريد أن تختبر نفسك بعيدًا عن الشعارات التحفيزية، فهذا التطبيق يخدمك. أما إن كنت في بداية الطريق، أو تبحث عن محتوى صوتي، أو تريد أن تسمع اللغة قبل أن تقرأها، فلا اراه مناسبا لك. هو ليس مدرّسًا ولا شريك تعلم، بل آلة قياس صامتة، دقيقة أحيانًا، لكنها باردة.
إذا أردت أن تختبر مستواك في اللغة الإنجليزية، فهذا التطبيق يقدّم بداية عملية. لكن تذكّر دائمًا، النتيجة لا تعني أنك تتكلم، ولا تضمن أنك تفهم. خُذ ما يعطيك إياه، ثم اسأل نفسك: هل اختبر ما أحتاجه فعلًا؟ وهل رأى ما لا يظهر في الأرقام؟