كتاب تعلم اللغة الإنجليزية المبسطة كورس تأسيسي هام

لم تكن علاقتي بتعلم الإنجليزية تبدأ من الصفر، لكنها ظلّت معلّقة بين ما أعرفه وما لا أفهمه تمامًا، وكلما حاولت التقدّم، اصطدمت بتفاصيل نحوية تبدو مألوفة لكن غامضة، بتركيبات قرأتها مرارًا دون أن أستوعب منطقها.أردت شيئًا يُمسك بيدي لا ليعلّمني كلمات جديدة، بل ليعيد ترتيب ما أعرفه. شيئا ينظم الفوضى التي خلّفتها سنوات من الانتقال بين التطبيقات والدروس الصوتية والمقاطع القصيرة.

حين وقعت على كتاب تعلم اللغة الإنجليزية المبسطة، لم أتوقع الكثير. العنوان يوحي بسطحية، وأنا لا أرتاح للكتب التي تَعِد بالتبسيط دون عمق. لكن الفضول غلبني. فتحته لا بصفتي متعلّما، بل بصفتي شخصًا يقيّم المحتوى من زاوية واقعية. هل يحترم هذا الكتاب القارئ؟ هل يقدّم اللغة كأداة حيّة؟أم يكتفي بتكرار ما قالته الكتب القديمة؟ دخلت لا لأحفظ، بل لألاحظ.

ما هو كتاب تعلم اللغة الإنجليزية المبسطة؟

الكتاب ليس “كورسًا” بالصورة التي نعرفها، بل أشبه بكتيّب تمهيدي لمن لم يسبق له أن تعامل مع الجملة الإنجليزية بشكل منتظم. يبدأ من الصفر، الضمائر، الأفعال، الأزمنة الأساسية، تركيب الجملة. يعتمد على اللغة العربية في الشرح، وهذا مهم جدًا في المرحلة التأسيسية ولا يفترض أنك تعرف شيئًا،لكنه لا يعاملك كأنك لا تعرف شيئًا أيضًا. يستخدم شروحات مباشرة، خالية من التعقيد، مدعومة بأمثلة واضحة.

بنيته خطية، كل صفحة تقود إلى التي تليها. لا يوجد تشتيت بين مهارات، ولا أقسام منفصلة لكل مهارة. التركيز هنا منصب على فهم البنية اللغوية. لا يحتوي على صور أو رسوم ولا ألعاب ولا روابط. فقط نص. لكن النص مكتوب بلغة قريبة، منظمة، لا تشعرك بالتلقين.

ما الذي أعجبني في كتاب تعلم اللغة الإنجليزية المبسطة؟

وضوح تسلسل الشروحات

هذا واحد من أوضح ما لاحظته. لم يقفز المؤلف من موضوع لآخر. كل فكرة جديدة تأتي في سياق طبيعي. يبدأ بالضمائر، ثم ينتقل للأفعال، ثم تركيب الجملة، ثم الأسئلة. لا يشعر القارئ أنه داخل متاهة قواعد وهناك ترتيب يجعل الذهن يتهيأ للفكرة التالية حتى قبل أن تظهر. هذا النوع من التسلسل ساعدني في استرجاع ما كنت اعرفه، وربطه بأمثلة جديدة.

استخدام اللغة العربية بشكل ذكي

لم تكن الترجمة مجرد نسخة طبق الأصل من الجملة الإنجليزية. كانت الشروحات تنبه إلى المعنى، إلى الاستخدام والى الفروق الدقيقة بين ما يُقال وما يُقصد. مثلا، في شرح الجملة، “He is going to school ” لم يكتفِ بترجمتها، بل أشار إلى أن كلمة “school” هنا لا تعني فقط المكان، بل قد تعني الفعل اليومي المعتاد. وهذا النوع من التنبيه لا أجده في كثير من التطبيقات. التركيز على السياق، حتى ضمن الجمل القصيرة، ميزة تُحسب للكتاب.

الأمثلة التطبيقية المرتبطة بالحياة

الجمل ليست من النوع الروتيني المعزول. ليست “The cat is on the table” في كل صفحة. بل هناك أمثلة من حياة الناس، المدرسة، الوقت، المشاعر، الافعال اليومية. وهذا مهم جدًا في التأسيس. الكلمات تصبح مألوفة لأنها تظهر في مواقف مألوفة، لا لأنها محفوظة في قائمة. هذا ما ساعدني على رؤية القواعد كأداة للفهم، لا كحاجز يجب حفظه.

التكثيف دون اختزال

رغم أن الكتاب لا يزيد عن عشرات الصفحات، لكنه يقدم قدرا معقولًا من المفاهيم الأساسية. لم يشعرني أنه مفرّغ، ولا شعرت أنه متخم بالتفاصيل. التوازن بين الاختصار والشرح كان في مجمله موفقًا وهذا التوازن هو ما جعلني أكمل قراءة الكتاب في جلسة واحدة تقريبًا، ثم أعود لاحقًا لأعيد قراءة أقسام محددة دون شعور بالملل أو التشتت.

ما الذي لم يعجبني؟

غياب التمارين التفاعلية

لا يوجد أسئلة بعد الدروس، ولا مساحات لتجربة ما تعلمته. وهذا يجعل التجربة أحادية الاتجاه. تقرأ، لكن لا تتفاعل. بالنسبة لي، لم يكن هذا عائقًا كبيرًا لأنني كنت أدوّن وأعيد تركيب الجمل بنفسي، ولكن المتعلم المبتدئ سيحتاج إلى وسيلة اختبار، حتى لو كانت بسيطة.مجرد تمارين على تحويل الجملة من إثبات إلى نفي مثلًا، كانت ستضيف بُعدًا عمليًا.

بعض الترجمات تبدو متسرعة

في عدة أمثلة، شعرت أن الترجمة لا تخدم المعنى بقدر ما تلتزم بالبنية. مثلًا، عند شرح الجملة “I have been working “، كان الشرح يركّز على “أنا أعمل منذ مدة”، دون أن يوضح الفرق بين الاستخدام المستمر و الزمن الحالي البسيط. قد لا يكون هذا خللًا في الشرح بقدر ما هو نتيجة الاعتماد الكلي على الترجمة دون تعميق في الفروق الدقيقة.

توقف المفاهيم عند حدود معينة

الكتاب لا يدّعي أنه شامل، لكنه لا يوضح صراحة أين ينتهي دوره. لا توجد مقدمة أو خاتمة تنبّه القارئ إلى أن هذا مجرد بداية. كثير من المتعلمين يعتقدون أن حفظ الأزمنة يكفي لإتقان اللغة، بينما هذا مجرد تمهيد. تمنيت لو أن المؤلف أشار بوضوح إلى أهمية الانتقال لاحقًا إلى الاستماع، القراءة، التفاعل.

هل يصلح الكتاب للتعلّم الذاتي فعلًا؟

هذا هو السؤال الحقيقي. ليس هل الشرح جيد، أو هل المحتوى واضح، بل، هل يمكنك استخدام هذا الكتاب دون معلم، وتخرج منه بفهم حقيقي للغة؟ جوابي، نعم، بشرط واحد. أن لا تعتمد عليه وحده.

الكتاب يمنحك البنية. يعطيك القوالب، ولكنه لا يمنحك اللغة في حالتها الحية. بمعنى آخر، إذا قرأته ثم استمعت إلى جملة من مسلسل، ستفهم تركيبها، ولكنك لن تفهم النبرة أو المعنى بين السطور. هذه ليست مشكلة الكتاب، بل طبيعته. ما يقدمه ضروري، لكنه ليس كافيًا. ولذا، هو يصلح كبداية مستقلة، لكنه لا يبني الاستقلال الكامل.

ما أعجبني هو أنه لا يربكك بالتشعبات. لا يسحبك إلى قواعد فرعية، ولا يفتح أبوابًا جانبية. يضعك على طريق مستقيم،  ويطلب منك أن تكمله بنفسك.

تأثير الكتاب على قدرتي في فهم تركيب الجملة

قبل أن أقرأ هذا الكتاب، كنت أستوعب الجمل عن طريق الحدس. أسمع، أقرأ، ثم أخمّن المعنى. لكني لم أكن أعرف لماذا جاءت الكلمة هنا، ولماذا تغيّر الفعل في هذا الزمن. بعد قراءة الكتاب، بدأت ألاحظ البناء. بدأت أرى الرابط بين الفاعل والفعل، بين الضمائر والأزمنة.

المفارقة أنني لم أحفظ شيئًا عن ظهر قلب، وما حدث أن الأمثلة كانت كافية لزرع النمط في ذهني. تكرار الجمل بصيغ مختلفة ساعدني على تكوين حس داخلي بالبنية. لم أعد أكتفي بأن”أفهم الجملة”، بل بدأت أتوقع شكلها حتى قبل أن أقرأها كاملة. وهذا بالنسبة لي مؤشر حقيقي على التعلم.

متى شعرت أنني بحاجة لتكميله؟

حدث هذا في اللحظة التي حاولت فيها فهم الفروق بين الأزمنة المتقاربة، مثل الفرق بين “He has gone” و “He went”. الكتاب يشرح كل واحدة منهما، لكن لا يربط بينهما بمثال حي. عند هذه النقطة شعرت أنني أحتاج إلى الاستماع، إلى نصوص حقيقية، إلى حوارات.

هذا النوع من الفجوات طبيعي. أي كتاب تأسيسي لا يمكنه أن يتكفّل بالرحلة كاملة. دوره أن يفتح الباب، لا أن يصحبك إلى النهاية. لكن كنت أتمنى أن يرشدني إلى ما بعده. مجرد صفحة أخيرة تقول، الآن، اقرأ قصة قصيرة. او، استمع إلى هذا النوع من المحتوى. مثل هذه الإشارة كانت ستجعل التجربة أكثر اتساقًا.

هل يناسب الأطفال أو كبار السن؟

لغة الكتاب واضحة، والشرح مباشر، لكن مستوى التركيب اللغوي العربي المستخدم قد لا يكون بسيطًا كفاية للأطفال الصغار. خاصة أن بعض الشروحات تفترض فهمًا لمفاهيم نحوية سابقة. أما الكبار، خصوصًا من تجاوزوا الأربعين أو الخمسين، فسيجدون راحة في الشرح الذي يستخدم اللغة الأم، ويبتعد عن المصطلحات التقنية.

لكن قدرة القارئ على الاستفادة لا تتعلق بالعمر فقط، بل بالنية. من يدخل هذا الكتاب بنية الحفظ السريع سيمل، ومن يدخله وهو يبحث عن بناء منهجي، سيجد نفسه يتحرك بثبات.

خلاصة تقييمي

لم أخرج من هذا الكتاب متقنًا للإنجليزية. ولم أتوقع ذلك. لكن خرجت بفهم مختلف. بدأت أرى اللغة كمجموعة أنظمة بسيطة متصلة، لا كجدار صامت. لم أشعر بالإبهار، ولم أضحك أو أدهش. بل شعرت بالهدوء. وهذا بالضبط ما أحتاجه أحيانًا في رحلتي مع اللغة.

هذا ليس كتابًا ترفيهيًا، ولا مشوقًا. بل كتاب عملي، واضح، يضعك على السكة. ومتى ما أردت الانطلاق، عليك أن تبحث عن أصوات بشرية، عن قراءة ممتعة،  عن محتوى حيّ. لكنك لا تستطيع أن تفعل كل ذلك إن لم تكن قد مررت من هنا أولا.

إذا كنت تشعر أن اللغة الانجليزية تطفو في رأسك بلا ترتيب، إن كنت تحفظ كلمات، لكنك لا تعرف كيف تبني بها جملة، إن كنت تحتاج نقطة بداية حقيقية، فأنصحك بتحميل هذا الكتاب، وقراءته بعين المراجع لا الطالب. افتحه، تأمّل الأمثلة، واكتب جملتك الخاصة. لكنه لن يحمل عنك مسؤولية التعلّم. هو فقط يريك الطريق. هل تسلكه؟ هذا أمر يعود إليك.

 

 

 

download

Waleed Rami

مدرس متخصص في اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مراجعة تطبيقات تعلم اللغة الإنجليزية